الثلاثاء، 28 فبراير 2012

المجلس الوطني والحركة التصحيحية الجديدة

منذ أن تم تشكيل المجلس والكل سواء في الداخل أو الخارج كان يشكو من ضعف الأداء ،والبيروقراطية والشللية ، وعدم مسايرة المجلس للثورة في توجهاتها ومطالبها ، على الرغم من الدعم الغير محدود من الثوار في الداخل والذي شكل رافعة له أمام المحافل الدولية .

فقد تم توجية العديد من الملاحظات سواء من العاملين في الحقل السياسي السوري أو من الفاعلين على الأرض ، وآخرهم كان من البطل خالد أبو صلاح عندما “هدد المجلس الوطني بنزع الشرعية عنه في حال استمرار حالة الضعف التي يعاني منها في ظل عدم التمكن من الاستجابة لنداءات الاستغاثة التي أطلقها من الحي المحاصر والذي يتعرض للقصف منذ أكثر من خمسة عشر يوما”. حيث قال أبو صلاح “أن الشعب الذي منح المجلس الشرعية يمكنه أن ينزعها “.
أيضا الانتقادات المستمرة من شيخ الثورة عدنان العرعور لأداء المجلس والتشكيك في مصداقية وانتماء بعض شخوصه ، الأمر الذي حذى ببعض أعضاء المجلس للانفصال وتشكيل ما يسمى، “مجموعة العمل الوطني السوري” وهو الانشقاق الأبرز بعد الانشقاقات الفردية التي حدثت في الفترة الماضية ،منذ اندلاع الثورة في مارس/ اذار 2011.
و الأمر الملفت للانتباه ، أن غالبية المنشقين هم معارضي الداخل الذي خرجوا بعد الثورة ، والعديد منهم كان معتقلا الى فترة قريبة ، وهذا ما كان الكثير من المتابعين للعمل الثوري يطالب به ، بأن يكون قادة العمل الثورة من معارضي الداخل لأنهم أخبر بالمعاناة ، وبظروف العمل السياسي الميداني ، وبعيدين عن الواقعية السياسية التي ينتهجها معارضو الخارج.
وهذا ما أكده بيان المجموعة نفسها بأنه “لقد مضت أشهر طويلة وصعبة على سوريا منذ تشكيل المجلس الوطني السوري، دون نتائج مرضية ودون تمكنه من تفعيل مكاتبه التنفيذية أو تبني مطالب الثوار في الداخل”.
ايضا طريقة الانتخابات الأخيرة والتي كانت غير مرضية لكثير من أعضاء المجلس والتي اقتصرت على عدد قليل منهم ، تم التمديد لرئيس المجلس للمرة الثالثة على التوالي من دون تقييم للمرحلة التي ترأسها .
وقد تبين أن النواة الصلبة لحركة الانشقاق هذه تشكلت من (20) شخصا تقريبا من أصل ( 270) عضوا الذين يشكلون المجلس .
و لعل السبب الأهم لهذا الانشقاق هو اخفاق المجلس في التأثير على المجتمعين في مؤتمر “أصدقاء سوريا” في تونس، لتحصيل الحد الأدني من مطالب الشعب الثائر.
وطبعا ترأس هيثم المالح لهذه المجموعة ، يشكل رافعة قوية كونه زعيم للمعارضة السورية الداخلية من عهد الأسد الأب. أيضا الأسماء الأخرى لا تقل خبرة ودراية بالعمل السياسي المعارض ، كما هو الحال في زعيم المعارضة كمال اللبواني، وهو الذي سجن لست سنوات، وافرج عنه في ديسمبر/ كانون الاول، ومحامية حقوق الانسان كاترين التللي، والمعارض فواز تللو، ذو الصلة بما يسمى “الجيش السوري الحر” ووليد البني الذي كان من بين اكثر الشخصيات جرأة في المجلس، حيث كان مسؤولا عن السياسة الخارجية.
إضافة الى العديد من “الإسلاميين الجدد ، ومن بينهم عماد الدين الرشيد وهو الذي تعرض للسجن في بداية الانتفاضة، وهذا كله يحسب لصالح هذه المجموعة بلا شك.
إن انتماء بعض أعضاء المجلس الى دول غربية جعلهم عرضة للتخوين والتشكيك بوطنيتهم وولائهم للوطن ، وخاصة من أزلام النظام .
هذا الأمر استدعى من البعض المطالبة بأن يكون رئيس المجلس من شخصيات الداخل، التي لا يشكك بمصداقيتها ، لا من قبل أزلام النظام ، ولا من قبل المتعاملين مع المجلس من التيارات الأخرى ، وهذه هي القناعة التي توصلت إليها المجموعة مما استدعاها للقول بإنه “قد بات واضحا لنا أن طريقة العمل السابقة غير مجدية، لذلك قررنا أن نشكل مجموعة عمل وطني تهدف لتعزيز الجهد الوطني المتكامل الهادف لإسقاط النظام بكل الوسائل النضالية المتاحة، بما فيها دعم الجيش الحر الذي يقع عليه العبء الاكبر في هذه المرحلة“.
وهذه الخطوة كان لابد منها لتصحيح المسار ، والانطلاق من جديد نحو عمل ثوري جامع ، وعلى جميع أعضاء المجلس الاسراع و الانضواء تحت هذه المجموعة بأسرع وقت؛ ردءا للصدع ، وتصحيحا للمسار .
إن الضغط المتزايد الذي يتعرض له المجلس الوطني السوري بسبب عدم دعمه صراحة للمقاومة المسلحة ضد الأسد، والتي يقودها “الجيش السوري الحر“. والتي هي مطلب الجماهير الثائرة في الداخل والخارج ، إضافة إلى عدم استجابة النظام للمطالب السياسية من المجتمع الدولي ، وتيقن الجميع بأن النظام لن يرحل من خلال العمل الدبلوماسي والعقوبات الاقتصادية ، وخاصة أنه عمد في الفترة الأخير الى تجيير العقوبات الاقتصادية نحو الشعب السوري ، وحرمه من ابسط ضروريات العيش اليومية، يجعل من الأفضل على المعارضة التفكير باستراتيجية مختلفة عن التي كانت تقود عمل المجلس الوطني خلال الاشهر الماضية ، واستخدام أوراق الضغط الشعبي والعسكري بطريقة مختلفة ، بغية إعطاء دفعة جديدة للعمل الثورة ، و ضخ جرعة أمل بين أوساط الثوار لتسريع وتيرة الانشقاقات العسكرية والسياسية ، بغية الوصول الى ازالة النظام باقل الخسائر الممكنة .

الدكتور حسان الحموي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق