الثلاثاء، 28 فبراير 2012

كُــــنــــتُ فـــي حِـــمــص

كنت في إحدى شوارع حمص الذي يبعد بضع كيلومترات عن حي بابا عمرو النازف حيث حل الظلام الاسود المدينة وكانت الشوارع خالية قاتمة مخيفة جافة ترعب الجن ان سكنها ..
استقبلتني مجموعة من النساء المحجبات وهن يبكين و يستغثن بي فسألتني إحداهن : “أين العالم؟” .. “أين العالم؟” .. “أين الله .. أين
الرسول؟”
قلت لها بدهشة : “ربي في السماء .. والرسول –عليه الصلاة والسلام- في السماء أيضاً”
ردت علي وفي عينيها قوة لم اشهدها الا في عيون القادة العظام : “ونحن سنصعد الى السماء وسنذهب اليهما”
ادارت وجهها عني مع بقية النساء وتقدمن في مظاهرة عفوية نحو حي باباعمرو بخطوات تهتز لها الارض وهن يهتفن له بشجاعة ..
حينما وصلنا الى باباعمرو توقفن خوفا من التقدم اكثر .. لكنني شعرت بجاذبية نحو الحي فقلت لهن اني سادخل، فلم يمانعن ولكن حذرنني من فتح فمي باي حرف والتخفي قدر المستطاع لان جنود الاسد سيقصفون الحي بوحشية ان سمعو حركة بسيطة ..
دخلت الحي والظلام قد احتل المكان .. لا احد كان هناك .. لا احد .. الكل خائف داخل منزله والحي مهجور ويخيل لك انه لم يحتضن بشراً قط ..
دخلت احدى العمارات بينما الصمت سائد وانا احاول البحث يائسة عن بشر .. لكن لم يكن هناك بشر .. فقط جدران وحجارة ..
تلمست الجدران بيدي .. وفجأة ! دبت يد غليظة على كتفي ! التفت الى الوراء فاذ بشبيح امسك بي وارسلني الى احدى فروع الامن .
هنا هبط قلبي .. وشعرت برجفة وصلت الى خصل شعري وخلايا دماغي .. فارتبط لساني وانخرست تماما ! فقدت صوتي وشلت حنجرتي عن العمل .. لكنني من شدة الخوف لم التفت لذك الا عندما وصت لفرع الامن ووقفت امام رئيسه .. وحينما اردت الرد على اسئلته التي انبعثت من صوت خشن فظ ادركت اني فقدت صوتي .. لكن ذلك الكائن المجرم لم يصدقني وكذبني باحتقار!
حاولت جاهدة اخراج صوتي من حنجرتي التي كانت ضحية خوفي .. خوف لم اشعر به قط والحرف الوحيد الذي كنت اصف فيه وضعي لرئيس الفرع هو : “آآ آآ آآآآ”
لكن سرعان ما مل رئيس الفرع من امري وطلب من احد خدمه ان يطردونني خارجا ..
حينها استيقظت من الحلم وقلبي يخفق بشدة .. يخفق يخفق يخفق ..
لم اصدق انني في منزلي وكل ما رايته كان حلما .. اغمضت عيني بشدة وفتحتها مرة اخرى فتاكدت انني عدت الى دنيا الواقع لا الاحلام ..
ما الذي رأيته في ذلك الحلم .. وهل هو منام ام كابوس ؟
تخبطت مشاعري .. اافرح لاني وجدت نفسي في مكان آمن وكانني ولدت من جديد !! أم ابكي على سوريا التي يعيش اهلها كل لحظة ما شعرته في المنام ..
ذلك المنام .. فيه شعرت بروحي انفصلت عن جسدي وسافرت عبر السحاب الى بابا عمرو فعشت خوفهم والمهم وشاهدت اهلهم والتقيت بهم .. سمعت صراخهم .. تلمست الجدران الباكية والحجارة .. والصمت المخيف .. شعرت بهلع الاعتقال ويد الشرطي الشيطانية وصوت رئيس فرع الامن المرعب !
والان في هذه اللحظة يخطر ببالي سؤال واحد للعالم .. ما الذي سترد به على رب العالمين يوم القيامة عندما يسالكم عن سوريا .. و حمص .. وباباعمرو ؟
ملاحظة 1: الحلم ليس تصوير من بنات افكاري وانما منام شاهدته حقيقة ..
ملاحظة 2: ولدت وعشت طيلة حياتي في باكستان ولم ادخل في حياتي موطني سوريا لأن بشارحرمني منها..
وفاء زيدان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق