الجمعة، 17 فبراير 2012

انا وهي


هل تقبلونني بينكم ايها المندسون؟ سوريا مندسا قاشوشيا جندليا ؟ شكرا لكم , الان اليكم قصتي:
زوجتي سيدة علوية في عقدها السادس وقنواتها المفضلة : الببي سي والجزيرة وفرانس 24, الحوار والعربية لكنها تعترض قليلا على اداء العربية ربما لأسباب سعودية او حريرية , وهي زعلانة على هيثم مناع لأنو برأيها ما كان بيستاهل البهدلة بآخر عمره وبقدر اكبر حاسسها قلبها انو بدها تزعل على برهان غليون اللي الو مكانة رفيعة في مكتبة بيتنا منذ ” بيان من اجل الديموقراطية” .
وحتى لا يذهب تفكيركم بعيدا هي ليست من جماعة قدري جميل لاسمح الله او هيئة التنسيق. اما انا فمن ضحايا الاسد الاب بالتمانينات .

طوال اشهر الثورة كان منظر نقاشاتنا (كاثنين قارب العمر على الهرب منهما) مثيرا للضحك والبكاء وعلى طريقة الميلودراما الهندية .
هي: لا تكف عن الدعاء الى الله ان يحكم الناس عقولهم ويقاوموا الاستبداد بوسائل لا تؤدي الى القتل , وهي مثلا ضد دعاء ” يلعن روحك يا حافظ ” ليس محبة به ( لم تزر ضريحه ابدا مع انو العبدلله زاره بالصرماية) بل لأنه لا يجوز على الميت الا الرحمة , وهي مثلا تعتقد انو الكل عم يغلط هلق ويذكرني ذلك بقولة الحلاج الخالدة : ” من لي بالسيف المبصر” وهي معجبة بصفحة الدومري لانها تلدع بطريقة انيقة ومتحضرة.
اما انا فان شيئا ما في البيت يجب تفريغ العنف فيه في نهاية كل نقاش ( الباب مثلا) احتجاجا على هذه الوسطية .
اخيرا لم استطع التحمل قلت لها امام الاولاد اللي صاروا شبابا وصبايا: الان ستقولين لي على اية ضفة انت وبعدها نقرر الاستمرار مع بعض ام لا ( مع انو ولا واحد فينا بيقدر يعيش لوحده لأنو بدو مين يشيلو ).
اذهلتني باجابتها: ارجوك لاتكن طائفيا كإخوتي وبعدها كن اينما شئت.
اخوتها السبعة جميعا منحبكجية وهم يتفاوتون في منحبكجيتهم فمنهم من يقول بضرورة الحل الامني ويقسم بأنه رأى السلفيين بذقونهم الحمراء الطويلة ( يمكن من خوفه شايفن بمنامه ) ومنهم من يتفرج سرا على الجزيرة بحثا عن الحقيقة التي لا تقولها الدنيا .
قبل ايام زارنا احدهم ( هادا اللي بيتفرج علجزيرة “خطفا” ), كان متألما وخائفا بصدق حين سمعته يقول لها :
يا اختي عم يقتلوا عالهوية في حمص (طبعا قصدو عم يقتلوا العلوية) .
بدأت اعصابي بالغلي من هذا النمط من الحوار الذي يفضله المنحبكجية عادة , لكني تنفيذا لوعدي لها سابقا آثرت الجلوس بعيدا.
لكنني ذهلت وانا من بعيد اسمعها تتكلم
ايتها السيدة الحكيمة من اين تأتين بكل هذا الكلام؟
كانت كلماتها تنهمر عليه كالمطر دروسا في الاخلاق والسياسة والمواطنة وهو ساكت متل المسطول وكانت آخر كلماتها : هلق تفقتوا عللي ممكن يصير ولسّاكن بتحكوا بالنتائج وما بتحكوا بأعمالكن اللي وصلتنا لهون !!, قلبي على هالجيش اللي بهدلتوه , لك حدا ببهدل جيش وطنو؟ (في الواقع حتى الان لم اسألها ما الذي تقصده بضمير مخاطب الجمع ولو انني اعتقد بأنها تماهي بين النظام والمنحبكجية) .
لكني شعرت بالاحباط الشديد عندما سألها وهو يتأهب للذهاب : هلق شو (بدّون)؟ .
ياابن الحرام كل هالحكي فات من هون وطلع من هنيك ؟ حدثت نفسي مافي فايدة .
لكنها اجابته بثبات وكأنها عاملة مؤتمر صحفي : شو بدون ؟ ماعيب عليك تقول شوبدون ؟ ( بدنا ) دولة مواطنين مو جماهير, مواطنين بينتخبوا بيعملوا احزاب وجمعيات , بيقولوا رأين بيختلفوا بيتصارعوا تحت ضو الشمس , ما بيمعّوا ,وما بيشتغلوا بالعتمة , والأهم من هيك بدنا دولة بيكون النظام جزء منها مو نظام بالع الدولة.
ياالهي اليس هذا باختصار برنامجا سياسيا؟
ولا اخفيكم شعرت بالفخر مع انني لازلت محتجا على امساكها العصا من المنتصف .
طبعا هي لاتزال تدعو الله ان يكف السوريين عن قتل بعضهم وانا لازلت اتهمها بانها لا تقرأ ما يحدث جيدا .
هي الان محبطة ويائسة ودائما ما استيقظ في الواحدة او الثانية بعد منتصف الليل لأراها حاضنة حدا من الاولاد القلقانين مع انن كبروا كتير وعينها على محطة مندسة وهي تردد باستمرار جملة واحدة : وقع الفاس بالراس الله , وقع الفاس بالراس الله يستر هالبلد .
لكني وعدتها بأن اكون سوريا … فقط سوريا رغم الاحتقان وفائض الكراهية الهائل الذي اراه ورغم كل الجراح التي سببها لي الاستبداد
ولدي ايمان غريب بأن القادم سيكون سوريا بامتياز , سيكون طريقه موجعا لكنه سيكون نهائيا , وسيولد عقد اجتماعي جديد لا مكان فيه لهذه الزبالة اليومية التي يتحفنا بها المرضى من المثقفين الاقلويين عن الاقليات وحقوق الاقليات , عقد اجتماعي ينتجه السوريون على قاعدة المواطنة , ومو مهم يكون رئيس الوزراء (هلأ انا عم بحلم ) عم يقود ائلاف من اسلاميين وليبراليين ( انا شخصيا بتمنى يقودها عبد العزيز الخير او سهير اتاسي ) ولا عم يقودها شيوعيون ( العمى والله مشكلة اذا قدري جميل دحش حاله ), المهم يكرج دولاب التداول ويكون في ” مواطنين ” قادرين على المحاسبة .
قد لا يسمح لي ما تبقى من العمر بأن اشهده , لكنه قادم .. قادم , سيولد من رحم الاشواك التي زرعها طغاة بلادي ورودا … انتظروا
قلبي عليك يا زوجتي الطيبة وعلى الكثير من الاحرار الطيبين في بلادي
نسيت قلكن انو تلك السيدة قررت من شي عشرسنوات ان تتحجب ( استدعاني الامن السياسي لذلك هل تصدقون؟ ) وتصلي فسألتني عن بعض التفاصيل وعن الدعاء الابراهيمي ودعاء التشهد بما اني سني وملزوقة فينا تهمة السلفية حتى لو كنت قومي سوري او شيوعي !!!, وشعرت بالخجل لأنني لا اعرف وبعد بضعة ايام رأيت في درجها بضعة كتيبات تعليم الصلاة على كل المذاهب وفوجئت بها تختار تفصيلا من الحنفية وآخر من الشافعية, ليس لأنها تريد توحيد المذاهب على الطريقة الخامنئية, بل ببراءة شديدة تقول : والله هادا حسيتو اقرب الي من هداك .
يا اخوتي هذا بيت سوري واللي منكن كبير شوي لازم يتذكر انو كانت العيلة السورية كان فيها البعثي والقومي السوري والاخواني والشيوعي والنهضة والكتلة … ( والبرلمان كان هيك بهداك الوقت) والف الف رحمة تنزل عليكن يا دكتور مصطفى السباعي.. يافارس الخوري ياشكري القوتلي …….
لكن التقدمجيين والقومجيين ارادوا اختصار مراحل التاريخ !!! وبناء على نصيحة السوفيات ( يعني الروس يعني نفس الروح التي لم تتحسس حتى الان لبناء حرية الانسان/المواطن الفرد التي هي سلعة رأسمالية !! لكنهم الان يصدرون الينا الحرية بالعاهرات ) فوتونا بالحيط اقصد التطور اللارأسمالي ولتتحول النخب ” الوطنية!!” الحاكمة ليس الى نخب رأسمالية فقط بل متوحشة ولا وطنية بامتياز .
لكن السؤال هو بعد كل هالنخر اللي عملته طغم الفساد والطائفية بالبلد خلال خمسة عقود هل يمكن ان يعود هذا البيت مجددا؟ فقط المواطنة تستطيع ذلك .
و….. تصبحون على مواطنة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق