السبت، 18 فبراير 2012

المبادئ البسيطة

يقول المؤرخ ول ديورانت شارحاً الأصول الأولى لأعرق الديمقراطيات في العالم ,وهي الديمقراطية الانكليزية ,وذلك في سفره العظيم قصة الحضارة:

((اتفق في عام 1195 على المبدأ القائل بأن القانون الذي يقره البرلمان لا يمكن أن يلغيه إلا البرلمان.
ثم اتفق في عام 1297 على ألا تُجبى الضرائب إلا بعد موافقة البرلمان.
هذه هي المبادئ البسيطة التي قامت عليها أكثر الحكومات ديمقراطية في تاريخ العالم.))

لقد كانت المبادئ من البساطة , بحيث يتعذر على أي شخص يملك قدراً من الحكم السليم , إلا أن يفهمها و أن يدرك متى التزم الملوك بها و متى نقضوها ,فيبادر إلى الوقوف إلى جانب هذه المبادئ البسيطة التي هي جوهر الحرية التي يتمتع بها اليوم الفرد الانكليزي.

ويمكن مطالبة القوى السياسية التي تتصدى للشأن العام في سوريا ,والتي تقول أنها تمثل الثورة السورية أن تحافظ على المبادئ البسيطة التي خرج الشعب مطالباً بها و يمكن اختصار هذه المبادئ في اثنين :

- نريد سوريا حرة ديمقراطية تمثل العدالة القاعدة التي تقوم عليها الدولة و هذا لا يتم إلا عبر المبدأ الثاني الذي هو
- القضاء على النظام القائم بكل رموزه , ومحاسبة المتورطين في الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري بكل الوسائل الممكنة، وهذا يعني باختصار القضاء على التركيبة الحالية للجيش السوري.

إن هذه المبادئ البسيطة , التي يستطيع الجميع فهمها و تمييز من يؤمن و يقتنع بها و يتبناها لتغدو الشعار الذي لا يقبل التنازل أو المساومة , كما أن رجل الشارع العادي الذي نهض بهذه الثورة العظيمة يستطيع بحسه السليم أن يعرف من الذي يتخذ الشعارات للمتاجرة و المزايدة , و بين من يعمل بصدق وإخلاص للوصول إلى الأهداف التي حرّكت الشارع السوري في ثورته النبيلة للوصول إلى هذه الأهداف.

إن التلاعب بالكلمات من قبل بعض المتنطعين لتمثيل الثورة , كالحديث عن إسقاط النظام الأمني , أو الحديث عن التاريخ النضالي الطويل لاكتساب الشرعية الثورية , أو طرح المشاريع ذات البنود التي لا تعد و لا تحصى أو التوقيع على اتفاقيات لمشاريع بين من لا يُمثل و من لا يؤتمن , هو من أشكال التلاعب بالعقول و العواطف.
كما أن المزايدات التي امتهنها البعض, عبر رفع سقف المطالبات الثورية إلى أسقف عالية و ذلك للتلطي بأعتاب بعض القوى العالمية و الإقليمية , أو التمسح بلبوس المشاعر الدينية أو الطائفية و ذلك للعب دور لا يستحقه أو لادعاء بطولة لم يعشها إلا في خيالاته ,فمثل هذه الممارسات التي تعتبر ضمن الحدود الطبيعية للانتهازية البشرية , وهي بالطبع ليست حكراً على الشخصيات المتطفلة على حركة الشباب السوري, بل يمكن القول بضرورة وجودها ليعلم الناس أخيراً ما ينفعهم و يوقنوا بنبذ ما يضرهم.

نرجو أخيراً من الناطقين باسم الثورة , و على كل صعيد عدم الدخول في المعارك الجانبية التي قد تلهي عن المعركة الأساسية الدائرة اليوم , و ألا يسمحوا لمهرجي النظام و من لف لفيفهم , أن يجروهم إلى ساحات غير المعركة المغرقة في البساطة من حيث أهدافها , و المغرقة في التعقيد للوسائل التي يجب استخدامها لتحقيق هذه الأهداف.

بوركتم وطبتم عسى أن يجعلكم الله من الصالحين و يورثكم الأرض انه عزيز حكيم

____________________________________

A.ALH

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق