الأحد، 19 فبراير 2012

السيناريو الأخير !

كلنا نذكر في بدايات الثورة الليبية حين أراد القذافي أن يمسح بنغازي الثائرة عن الوجود ( بيت بيت –دار دار – زنقة زنقة ) ونذكر في ذلك الوقت كيف كانت أعصابنا مشدودة بإنتظار تصويت مجلس الأمن على قرار التدخل في ليبيا , ونذكر كيف فرحنا بالتصويت على هذا القرار ليس حبا” بالتدخل الأجنبي في بلادنا ولكن خوفا” على الأخوة الليبيين من مجزرة كانت ستحصل وتطبع وصمة عار على جبين الإنسانية في العصر الحديث لما كانت ستخلفه هذه المجزرة من الضحايا الأبرياء .
بعد فترة ليست ببعيدة من هذا القرار إشتعلت الثورة السورية التي كنّا نتمنى أن يأخذ فيها السوريون حقهم بالحرية والكرامة التي تكفلها كل المواثيق والقوانين الدولية لا بل يكفلها الدستور السوري ( المكتوب ) كالشعوب من قبلهم في تونس ومصر بأقل الخسائر الممكنة ولكن النظام أبى وتّكبر وردد ما ردده النظام الليبي الساقط ( نحن لسنا تونس ومصر ) !
هذه المقولة التي أصبحت علامة تجارية عند الأنظمة الدكتاتورية تجعلنا نتأكد أن نهاية النظام في سوريا هي ذات النهاية في ليبيا و إن لم تكن بشكل أسوأ , وإن تحرّك العالم بشكل أسرع في ليبيا وذلك لحماية مصالحة فيها ولأن النظام الليبي لم يبقي له الكثير من الأصدقاء بعكس النظام السوري الذي سقوطه يعني سقوط الكثيرين و تغيير توازنات القوى في المنطقة فكان التدخل بطيئا” , ولكن في النهاية لابد لهذا العالم أن يتدخل لحماية مصالحه أيضا” التي قد تتأثر إن طال أمد الثورة و لتجميل وحماية صورته المهتزة بأنه من دعاة الحرية والديمقراطية .
كان للوضع السوري منذ البداية ثلاث سيناريوهات يمكننا هنا إستعراضها بالآتي :
السيناريو الأول : إنسحاب بشار من الحياة السياسية بشكل أو بآخر وتسليم السلطة لمجلس إنتقالي يدير الفترة الإنتقالية لحين إجراء إنتخابات حرة ونزيهة تضمن للشعب السوري تحقيق مطالبه التي قام بثورته من أجلها , ولكن كما نعرف أن هذا الخيار إنتهى مع تعنت النظام و تمسكه بالسلطة حتى لو كان على جثث الضحايا الأبرياء .
السيناريو الثاني : إجراء إستفتاء شعبي و إنتخابات مبكرة بإشراف دولي يحدد من خلالها مصير النظام , ولكن هذا السيناريو حتما” سيرفضه الثوار في سوريا لأن الجلوس مع هذا النظام الإجرامي في نظر الكثير من السوريين سيعتير خيانة لدماء الشهداء التي نزفت على يد هذا النظام .
السيناريو الثالث والأخير : هو نتيجة حتمية لرفض ما سبق وهذا السيناريو يكون بالمقاومة الشعبية والإنشقاقات في الجيش النظامي خصوصا” بعد إجهاض قرارات مجلس الأمن للتدخل المباشر من قبل روسيا والصين .
بطبيعة الحال إن تصويت مجلس الأمن لا يمنع التدخل الخارجي غير المعلن وغير المباشر من الدول التي يهتم بعضها بمصالحه و بعضها بإنسانيته من خلال دعم حركات التحرر و الجيش السوري الحر بالسلاح والمال .
في النهاية على النظام السوري أن يفهم ويتعلم ممن سبقوه من الأنظمة الساقطة ليس بالماضي القريب فحسب بل على مدار التاريخ أن الشعوب أبدا” لا تهزم وإن ما يحدث في سوريا ليس مجرد تمرد في مدينة ما كما حدث في حماة ليستفرد بها بل هي ثورة شعبية تشارك فيها كل أطياف الشعب السوري ,, ولم نسمع أبدا” أن ثورة شعبية فشلت .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق