الجمعة، 10 فبراير 2012

عودة المغترب..دمعة شكر في مطار الأنتصار‎

 
النداء الأخير لأقلاع الخطوط الجوية السورية
رحلة(أنتصرت الثورة) المتجهة لمطار دمشق (التاريخي) يرجى من السادة (المغتربين) سرعة التوجه للبوابة(1) لصعود المجد
….
كانت القبلة التي طبعتها على خد صديقي
هي آخر رصيد أصرفه في بلاد الغربة
كانت يدي التي صافحته ترتعش حزناً على من شابكت يداه يدي بهجرتي القسرية طيلة سنين
كان أرضية المطار تعكس صورتي  التي تطابق خفقات قلبي
حزناً على فراق حضنها الذي ضمني بحناياه وأحتواني بثناياه
حين وطأته قدماي طلباً  ومن حكم طواغيت الأسد هرباً
بكيت أجل وبكيت  وبكيت

كيف لأأبكي على بلداً عطاني وأكرمني بحسن الضيافة وكرم الرفادة؟؟
كيف لاأبكي على فراق عشرة عمر بات لي فيها من الأهل والأصدقاء أكثر ممالي في بلدي
كيف لاأبكي على ذكريات أموت  ولاتموت
كيف لاأبكي على فلسفة ووقع كلمات سيدنا علي تلك
الضيق في الوطن غربة
والرزق في الغربة وطن
وهذه (الغربة الوطن) كان فيها خبزي وأديمي
ولكن قامتي التي رأيتها تتعثر بدموعي على وقع خطرات الكرام
بألا أنكر فضل بلد آواني وأولاني على بلدي في لحظة ظلم
قامتي التي  أبتعدت فيها عن أخي وصديقي بوداع لاأتمنى له أن يكون الأخير
أحسست أنها كبرت
شعرت أني بت شخص آخر
طولي زاد
وجهي رغم الحزن لكنه مشرق
عيناي بريقها رأيته يشع على زجاج المعارض التي  أمر بقربها
أيقنت أني يجب أن أودع حتى المغسلة ولو على عجل
أسبغت الوضوء بحفنة ماء
رأيت عملاقاً..رأيت شخصاً آخر على مرأتي
رباه من أنت؟؟؟؟
كانت حركات شفاهي  ترد بنفس الوقت
رباه من أنا؟؟؟
أنا حر
لأول مرة أنا أسمي حر بدون ولكن
أنا سوري
طير جارح بعد أن كنت عصفور بقفص
طير حر
عائد لعشه
عائد لوطنه
عائد ليحلق بسماء أزرق
بفضاء رحب فسيح واسع
حر
بوطن الأحرار
حر بدنيا الأبرار
حر بجنة الثوار
ولكن
بعد أن قضى العمر على نصف همتي
بعد أن دمر الظلم جسر دمعتي
بعد أن  لون الثلج شعري
وسرق الكاذب أقلام أشعاري
حر
ولكن بعد أن مرّ غراب أسدي بجناحيه
فلون الأفق بريشه
ونعق فوق السهول فحولها لمقابر
ورغم كل ذلك
تقدمت بخطى حسبتها بطولة وفتوح
حسبتها على تلال وسفوح
الجولان ذلك الجزء الراقد بكياني
وهل خطوتي لركوب طائرة تعود بي للوطن الحر
إلا ملحمة تعادل  تحرير ألف جولان
والوقوف على سفوح وعتبة ألف لواء سليب
أنها رحلة العودة للحق والحرية والأمل والبناء
رحلة الشمس التي لايمكن أن يمنع إشراقها أحد
مهما كانت الرعود
مهما كانت السحب والعواصف
مهما بردت الهمم والعواطف
………
كانت قلبي بخفقاته يتحدى العلم والمنطق
بأن القلب مستحيل أن يخرج من الجوف أو ينفصل عن الجسد
إلا في هذه اللحظة
في مطار سوريا.. مطار التاريخ والعالم بأكمله
كان قلبي قد وصل صالة المطار قبل أن تقف عجلات الطائرة
أنظر حولي فلا أجد من الركاب  بشراً
بل أجدهم ملائكة يشاركونني رحلة العودة لفردوس الأرض
لسدرة منتهى عشقنا الأبدي لهذا الوطن
أجد الناس وجهها كأنه من فيض النور الذي يشع من داخلي
وأنا قلبي يتقدم في صالة الأستقبال لوحده
دون مرافقتي
دون جواز ممهور بختم أو توقيع
يختال فرحاً فخوراً وهو يتقدم ليلثم أرضنا وعرضنا
يتقدم ليعانق دموع أمي وأبي وأخي  وزوجتي وأولادي
يتقدم وهو يستنشق عبير الورد الذي أحضره كل أهلنا
تعبيراً عن الفرح بقدومي أنا وكل أخواني
أضع جوازي بجيب معطفي
وأخطوا تلك الخطوات التي سبقني فيها قلبي
لاأدري  ماذا أفعل
ماذا أكتب
كيف أصوّر تلك اللحظة
حين أركض فيها ويشاركني الطيران
هؤلاء الأحبة الذي لم أكن يوماً أتوقع أن أراهم ثانية
ولم يكن لهم أمل بعودتي لحضنهم
أنهم أهلي الغارقون بالدمع
المتعثرين بالفرح وهم يطيرون  نحوي
وأطير نحوهم
لن أكمل
فغداً نصر الثورة بإذن الله
هو من يحكي هذه المشاعر
ويرسم هذه الصورة
هذه الملحمة
هذه الحرية
قولوا الله  ياشباب.. تفائلوا.. أدعوا..ثقوا بالله.. كلها أيام ونلتقي ونتعانق ونتعارف في مطار التاريخ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق