السبت، 11 فبراير 2012

وكأن شيئاً لم يكن

رند الشام
———————-
هي دعوة لكل الخانعين من أهل الشام, أما آن لكم أن تتحرروا من جبنكم !!!…
 بين دروب الإنسان الذي أراده الله أن يكون ومتاهات أشياء تشبهه في أشكالها وتعاكسه في كل خصائصه الأخرى تاهت نفسي …. زاغ بصري ….. وانقصم ظهري …. وتراكمت حولي إشارات استفهام حتى أصبحت جبلاً عملاقاً يجثم فوق صدري …
كنت أشعر حتى وقت قصير بغربة قاتلة وأنا في مكان قالوا أنه وطني … وبين أشياء أوهموني بأنهم أهلي وناسي …. يا إلهي …!
كيف تمكن الواقع من تحويل إنسانها إلى ماهو عليه ؟!….. كيف أذعنت إلى ما أريد لها أن تكون ..؟! قطعان من المخلوقات تأكل, تشرب، تتزاوج، وتنجب قطعاناً صغيرة. تتحرك ، تعمل وتلهو … وبين هذا وذاك تمارس طقوسها المعتادة ثم تنام لتصحو من جديد كل يوم دون أي تذمر ، دون أي شكوى ، دون أي ملل  … همها الوحيد كيف تسمن تلك القطعان الصغيرة … تسلك في سبيل ذلك كل الطرق إلا أقصرها ….
كل ما حولي ملوث … الماء والهواء و التراب …. وأهم من كل شيء … تلوث الأفكار …
رغم أننا نستخدم نفس الحروف والكلمات ، نفس الأرقام والأعداد إلا أن لغتهم كانت عصية على فهمي وإدراكي. رغم اختياري للوحدة بكامل إرادتي لم أشعر يوماً بالفراغ ، كنت شديدة الإنشغال عنهم … انشغلت بهم ……. كنت أجوب دهاليز أفكارهم، أصعق لتجذر الخوف في أعماقهم …. لقدرتهم الهائلة على التكيف مع كل الإرهاب من حولهم … لتمكنهم من المضي قدماً في مستنقع الفساد الرهيب دون أن تزكم أنفاسهم رائحته النتنة …. وَيحكم كيف تستنشقون هذا الهواء الفاسد دون أن تتذمرون …. وَيحكم كيف تلاشى إحساسكم بذواتكم …  ويحكم كيف ارتضيتم لأنفسكم أن تكونوا قروداً لا بشراً …. ويحكم كيف استطعتم أن تلغوا الـ ” لا” من قاموس مفرداتكم  ….
أعلنت تبرؤي من كل ماحولي منذ زمن بعيد …
لكم دينكم ولي ديني ….
لكم عروبتكم ولي عروبتي  …
لكم شامكم ولي شامي …..
اذهبوا فأنتم الأذلاء …. أما أنا فلا …. سأبحث عن أهلي … عن ناسي … عن أحرار هذا البلد …
كنت أفتش في كل لحظة عن سؤال لجواب يدمي القلب …
لماذا نحن لسنا كباقي المخلوقات التي تشبهنا جسدياً …؟!
ثم لماذا شاء القدر أن أنتمي إلى هذا القطيع من الحمير* ….؟!
أي جرم ارتكبت …. ؟!
استبدلت ساعتي الرملية بساعة تعمل بقطرات القلب المنفطر …. أنتظر لحظة الانعتاق من هذا الإحساس أو من هذه الحياة “إلى الأبد” إن عجزت عن تغيير هذا الواقع المرتبط بمافيات آل الأسد …. لا عفواً … لن يكون هناك أي شيء “إلى الأبد” إلا الإنسان الحر … هاقد لاحت بوادر الخلاص …. وبدأ عرس الحرية … على أيدي أحرار هذا البلد …
أيها الشامخون …. أيها البواسل …
يا فرسان الحرية ، يا نبض القلب ….
يامن أذهلتم العالم بصمودكم …
يامن زلزلتم الأرض تحت أقدام فرعون العصر …
يامن حطمتم أصنام عبوديتنا ….
شكراً، أعدتم لي إنسانيتي …
شكراً ، أعدتم لي هويتي …
الآن فقط أستطيع أن أهتف بأعلى صوتي …..
أنا سوريّة …
أنا عربية ….
ستشرق الشمس من جديد في ربوع بلادي ….
وستعود البسمة إلى الوجوه الكالحة ….
ومهما سالت الدماء … ومهما غلت التضحيات … سيعود إنساننا من جديد …. رغم أنف من لايريد ….  حراً … كريماً … عملاقاً …. بكبريائه …. بشموخه …. وسيصبح عصر الأسود والحمير … عصر القهر والإرهاب والإذلال ….. عصر السحق والتنكيل …. في عالم النسيان.
رغم هول كل ما حدث وما سيحدث سيصير إلى العدم وكأن شيئاً لم يكن ….

————————————
*تطلق عادة هذه الكلمة على الأغبياء, إلا أن المقصود منها هنا من حوّل نفسه كرهاً أو طوعاً إلى مطية للعصابة الأسدية صابراً ثم صابراً ثم صابراً ثم محتسباً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق