الأربعاء، 15 فبراير 2012

لا تمنحني القدرة على التّسامح

في وطن جريح وخلال ما يقارب العام لم يفاجئنا بطش النظام ولا حقده , لم تفاجئنا آلياته ولا دباباته , فهذا نظام مبنيّ على الدّماء مبنيّ على الجماجم , ومصاص الدماء لا يشرب الحليب , لا يأكل الخضروات بل شرابه أطهر الشراب من أرواحنا , لا يسير استغرابنا هذا البطش من قاتل وابن قاتل .

ولكنّ الذاكرة لطالما أعادتنا للماضي البعيد والقريب إلى أشخاص عاشوا معنا تفاصيلاً كثيرةً من حياتنا , شاركونا نفس الأحياء نفس المدينة , شاركونا جنسيّة الوطن , شاركونا الاحتفالات الرسمية وغير الرسمية و المناسبات الدينية غير الدينية , شاركونا لقمة عيشنا , ومن نفس الشوارع مرّو على أرض هذا الوطن …….
وعند بداية الثورة لطالما أوجدنا الاعزار لهم , لطالما قلنا بأنّ بعض السخافات و الاكاذيب استطاعت أن تغيّر من آرائهم , لعلّهم مسحورون , ربّاه هل السحر حقيقيّ وواقع !!!!!
مع مضيّ ثورتنا و ازدياد انتشارها لطالما كنّا نغضّ العين عن الجرح تاركين خيطاً للعودة عند بناء الوطن , ساكبين ملحاً قاسياً على جرح الوطن .
ولكن
إلى متى أيّتها الأقدار إلى متى أيّها الوطن الجريح المظلوم المنفيّ في داخل الوطن …..
إلى متى نخلق الأعذار و الحجج لهم , إلى متى تبكي الدماء في وسط استهزاء شركاء الوطن !
في وطني أحياء تقصف بالمدفعيّات الثقيلة و راجمات الصواريخ …
في وطني يقتل الأطفال بالمئات , تسبى النساء , يسرق بريق الوطن
في وطني طفلة جريحة مشوّهة الأطراف توقف البكاء وتطلب دواءً على مربّى الليمون
تشتاق لنكهة المربّى على الليمون , وعلى الجانب الآخر وبنفس اللحظة هم يباركون وحشية نظامهم , يدعوه فيها للإجهاز على من تبقّى من أهل مدينة أو حيّ , يطلبون قتلهم دون تردد , يشتاقون للمجازر الجماعية يشتاقون لتكرار الحقد الأعمى , يريدون حرق الوطن …..
في وطني يطلب الأطفال دواءً على طعم الليمون , و على الطرف الآخر يطلبون حرق الزهور و إبادة أهل الوطن ….
أيّها الله
لا تمنحني القدرة على التّسامح , أيّها الله لست سوى انساناً آدميّاً
يحبّ …. يكره , يدافع عن نفسه , يمنع الأذى عن أطفاله
أيّها الله
كيف سأمضي حياتي بعدها معهم
كيف سنتقاسم نفس الهواء والماء في نفس الوطن
أيّها الله
أنا لا أملك قلباً قادراً على معاملتهم بالمثل
لا أقدر على القتل
وعندما أنتصر
لن أحاربهم
لن أبيدهم كما يفعلون
لكنّي لست قادراً على التبسّم في أوجههم
لم أعد قادراً على ردّ السلام
لم أعد قادراً على مجاورتهم
لم أعد أستطيع أن أبتسم في وجوه أطفالهم
يا الله كم هو كبير
جرحك أيّها الوطن
—————————————–
طائر الفينيق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق