
أسبوع هو الأعنف تزامن مع ذكرى مجزرة حماة الثلاثين، أسفر عن سقوط حوالي 700 شهيد في أنحاء سوريا. الأسبوع الذي بدأ بالتصعيد على تخوم دمشق والغوطة حيث سبقه اشتباكات ما بين الجيش السوري الحر و عناصر أمنية تابعة للنظام والحرس الجمهوري قرب مطار دمشق مما أدى لإغلاق المطار بشكل مؤقت، واحتدم الصراع في عدة مناطق من بلدات الغوطة الشرقية لدمشق كسقبا وكفر بطنا وعربين وزملكا وحمورية التي تعاني من احتلال كامل من الجيش وعناصر الفرقة الرابعة وحملات اعتقال عنيفة، بالإضافة لقطع للاتصالات في بعض البلدات استمر طيلة الأسبوع وقطع متكرر للكهرباء ومياه الشرب مما أدى لنزوح مئات العائلات من الريف إلى دمشق الأكثر أمناً، وقد تواردت أنباء عن قيام الشبيحة أجهزة الأمن بتسميم المياه ببعض مناطق ريف دمشق
وحمص
في حمص مازالت أحياء المدينة ترزح تحت حصار الجيش الذي يقصف أحيائها واحداً تلو الآخر، إضافة إلى الحالة الإنسانية الصعبة التي تسود المدينة ونقص المواد الغذائية الأساسية والإمدادات الطبية، فقد قام بقصف عشوائي لكرم الزيتون ولبابا عمرو وباب الدريب والرستن وتسبب بمجازر دامية فيها إضافة لقتل عائلات بأكملها ذبحاً بالسكاكين في كرم الزيتون، كما شهدت أحياء الخالدية والبياضة وبابا عمرو قصفاً هو الأعنف منذ بداية الثورة بقذائف الهاون والآربي جي أسفر هذا القصف ليلة السبت عن سقوط 260 شهيداً معظمهم من الخالدية إضافة إلى ما يزيد عن 1600 جريح والمئات من المفقودين تحت الأنقاض، وقال شاهد عيان أن الجيش السوري أطلق 350 قذيفة هاون ، وبالمقابل نفى التلفزيون الرسمي السوري أن يكون الجيش السوري هو من قام بهذا العمل مؤكداً أن الجثث التي عرضت هي لمواطنين اختطفتهم العصابات الإرهابية بحسب قولهم. وأوضح هادي العبد الله عضو الهيئة العامة للثورة السورية أن توقف القصف صباح السبت أتاح لأهالي الحي أن يقوموا بإنقاذ الجرحى واستخراج جثث الشهداء ورفع الأنقاض والبحث عن المفقودين وأشار أن الآلاف خرجوا بتشييع الشهداء الذين بلغو 330 شهيداً، وبحسب ناشطين فإن 36 منزلاً تهدمت بالكامل على رؤوس أصحابها.
أما في إدلب قام مجموعة من العلماء بإعلان انشقاقهم عن المؤسسة الدينية الرسمية الممثلة بوزارة الأوقاف وتشكيل هيئة العلماء الأحرار، وقاموا بدعوة علماء سوريا للانضمام إليهم، ومن جانب آخر اقتحمت قوات النظام بلدات خان شيخون ومعرة النعمان وقامت بقصف منازل ومستشفى في سراقب، واشتباكات عنيفة انتهت بأسر العميد نوفل الحسين رئيس فرع الأمن العسكري من الجيش الحر أثناء تواجده لإدارة العمليات في سراقب.الجيش السوري الحر وفي تصريح له صرح أنه أصبح يضم ما يزيد عن 40 ألف عسكري منشق عن المؤسسة العسكرية للنظام، ودعا ضابط في الجيش الحر إلى إعلان مناطق محررة وأن ذلك سيؤثر جذرياً في المعركة ضد قوات الأسد، وقال قائد الجيش الحر رياض الأسعد أن 50% من مناطق سوريا خارج سيطرة النظام حالياً.
في ذكرى مجزرة حماة دعت هيئات الثورة والمجلس الوطني للخروج بمظاهرات في كافّة مناطق البلاد تحت مسمى عذراً حماة سامحينا، ولاقت الدعوات استجابة واسعة، فقد خرجت المظاهرات يوم الجمعة في أكثر من 550 نقطة تظاهر في سوريا مستذكرة مجزرة حماة وصمتهم الذي اجبروا عليه ثلاثون عاماً، وسقط في مظاهرات يوم الجمعة 42 شهيداً بحسب اتحاد تنسيقيات الثورة أغلبهم من ريف دمشق وحلب وحمص، قالت الهيئة العامة للثورة أن قوات الجيش قامت بمداهمة مدينة دوما ومدينة جاسم وقامت قوات الأمن باقتحام سقبا، كما وقصفت مسجد الصادق الأمين في داريا أثناء الصلاة مما أدى لاستشهاد 6 أشخاص في المسجد، وقامت بمحاصرة مساجد إنخل ومنع من هم دون الخمسين من التوجه للصلاة، وفي حلب شهدت المظاهرات قمعاً شرساً بالسكاكين والعصي خلّف أكثر من 60 جريحاً وعشرات المعتقلين، وفي المرجة بحلب قام الأمن بالانسحاب التدريجي بعدما رشق المتظاهرين عليهم الحجارة وألقى الثوار القبض على أحد القناصة بعد اقتحامات شرسة للمنطقة، وفي حي الفردوس حدث اشتباكات بين الجيش الحر وقوات النظام على إثرها تم رفع علم الاستقلال على مفرزة الأمن العسكري.
الجاليات السورية قامت باقتحام العديد من السفارات كرد فعل على التصعيد من قبل النظام، وكرد على مجزرة حمص فقامت بمظاهرات واقتحامات للسفارات السورية في عدة مدن وعواصم ومطالبات بطرد السفراء وقطع العلاقات في القاهرة وعمّان والكويت وألمانيا، وكان أبرزها في تونس حيث قامت الحكومة بطرد سفير النظام من أرضها، كما تم تسليم مفاتيح السفارة في ليبيا إلى ممثل المجلس الوطني هناك.
من جهته ناشد المجلس الوطني السوري المنظمات الدولية والضمير الإنساني بالمسارعة لنصرة الشعب السوري، وقام مجلس قيادة الثورة بإعلان مناطق الرستن والغوطة الشرقية ورنكوس مناطق منكوبة إثر قيام قوات النظام بدكّها بالمدافع الثقيلة والدبابات ومضادات الطيران مما أدى بسقوط مئات الشهداء والجرحى ونزوح المئات من أهلها.
و على الصعيد الدولي عرض مشروع القرار الذي طرحه المغرب لإقرار خطة الجامعة العربية التي تدعو إلى تنحي الرئيس السوري بشار الأسد وتسليم سلطاته إلى نائبه في جلسة مفتوحة تلت جلسة مغلقة عقدها مندوبو الدول الأعضاء في المجلس على التصويت في مجلس الأمن بعد تعسر في المحادثات بين الدول الغربية و روسيا التي هددت باستخدام حق النقض الفيتو، و بعد طرح القرار وافقت عليه 13 دولة و تم إيقافه بالفيتو الروسي و الصيني الذي قوبل بانتقادات شديدة من الدول التي دعمت القرار، وذلك في جلسة تاريخية تم خلالها تبادل عبارات شديدة اللهجة من طرف رؤساء وفود الدول دائمة العضوية في المجلس. وبرر السفير الروسي تصويت بلاده ضد القرار بكون مشروع القرار الحالي يبعث برسالة غير متوازنة لأطراف الأزمة السورية، و إن المشروع لم يأخذ بعين الاعتبار أن مطالبة الحكومة السورية بسحب قواتها يتم في ظل استمرار الهجوم العسكري عليها، معتبرا أن المشروع يقوض جهود تسوية الأزمة السورية سلميا، ودعا إلى وقف حمام الدم في سوريا مضيفا أن وزير الخارجية ورئيس الاستخبارات الخارجية سيزوران دمشق الثلاثاء لهذا الغرض، أما مندوب الصين فاعتبر أن ممارسة المزيد من الضغط على النظام السوري من شأنها أن تزيد تعقيد الموقف.
في المقابل شنت السفيرة الأميركية هجوما عنيفا على روسيا والصين، قائلة أن بلادها تشعر بالاشمئزاز من موقفيهما، مؤكدة أن إفشال المحاولة التي بذلت اليوم لا يمكن التسامح معه، ودعت المجتمع الدولي إلى حماية الشعب السوري مما أسمته الفضائع الوحشية مذكرة بأن 3000 شخص قتلوا في سوريا منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عندما استخدمت الصين وروسيا أول فيتو ضد مشروع قرار بشأن الأزمة السورية، من جهته قال المندوب البريطاني إنه يشعر بالارتياع لقرار الصين وروسيا باستخدام الفيتو واتهم روسيا والصين بأنهما اتخذتا خيارا بإدارة الظهر للعالم العربي، وكان مندوب فرنسا قد انتقد الصين وروسيا دون أن يسميهما واتهم كلا من روسيا والصين بإعاقة جهود الجامعة العربية لتحقيق تسوية سلمية للأزمة السورية وبالوقوف دائما إلى جانب نظام الأسد، وتحدث في الجلسة كذلك مندوب الدول الممثلة في الدورة الحالية لمجلس الأمن، وبينهم مندوب المغرب الذي قدم مشروع القرار العربي وقال إن خطة الطريق التي وضعتها الجامعة العربية تبقى الأداة المثلى لحل الأزمة السورية رغم اللجوء إلى مجلس الأمن.
وفي ذات السياق أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريرا الجمعة، بالتزامن مع اجتماع لمجلس الأمن الدولي لتمرير مشروع قرار يهدف إلى وضع مزيد من الضغط على سورية لوقف حملة القمع ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة، وأشارت مديرة حقوق الطفل في المنظمة إلى أن الأطفال لم يسلموا من حملة الرعب سورية.. كما قالت المنظمة إنها وثقت ما لا يقل عن 12 حالة من الأطفال المحتجزين في ظل ظروف غير إنسانية وتعذيب، فضلا عن مقتل الأطفال بالرصاص أثناء وجودهم في منازلهم أو في الشارع، وفي تقرير آخر للمنظمة قال فيليب بولوبيون، مدير قسم الأمم المتحدة في هيومن رايتس ووتش: “بعد أسابيع من الألعاب الدبلوماسية الروسية وسط حمام الدم في حمص، يُعتبر فيتو موسكو وبكين وبكل بساطة تخريبي. فيتو كل من روسيا والصين ليس مجرد صفعة على وجه جامعة الدول العربية، بل هو أيضاً خيانة للشعب السوري”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق