الجمعة، 2 مارس 2012

واذا الموءودة سُئلت…

أشهرٌ من الحصار وأسابيعٌ من القصف العنيف وحدها بابا عمرو تئن وحيدة في مهب العاصفة , أصوات قذائف ودمار وموت يحوم في كل مكان وهي صامدة في وجه تصريحات الشجب والتنديد , تعالت أصوات من فيها استجداء واستنهاضا وحثا فهذا ينادي بأعلى
صوته فوق الأنقاض ليحرك بقايا ضمير وذاك يستغيث طلبا للمواد الطبية ليستطيع تضميد أشلاء تناثرت في كل مكان والعالم في غير عالم, بقايا ملائكة تركت عليائها وهبطت لتذود عما بقي من آخر معقل للرجال وها هي الصرخات تخرج طلبا لنثور ونهب هبة رجل واحد ونجعل نيران الثورة تحرق من بيده النار نصرة لها وتخفيفا عنها في محنتها ولكن هيهات من يلبي, وحدها بابا عمرو مستيقظة كضميرها لا تنام في أهدء الأوقات , وحدها أصبحت رمز اللامكان واللازمان , أصبحت هي الواقع ونحن الاستثناء , ها هي من أضحت أشهر من روما اللي احترقت بنار نيرون تقاوم بما أوتيت من كرامة واباء وغيرها يرزح تحت وطئة نوم عميق,فهذا محلل يرسم سير أحداثها وذاك عضو مجلس وطني يخطط مراسم دفنها وآخر شاعر يكتب رثائها وغيره فنان ينحت نعشها ثم يطفئ كلٌ تلفازه بعد حصاد يومٍ في جزيرة ليذهب لمسعاه من سرير أو مقهى أو وظيفة ووحدها باب عمرو تعودت على الصحو لا تنام , هاهي ساهرة كعادتها ليس لتلمم جراها كما في الروايات والقصص لأن لم يبقى لها يد لتلملم أي شيء فقد بترت بقذيفة ولأن جراحها أضحت كجسد أميرها خالد لم يبقى فيه شبر الا وفيه موضع لقذيفة , ولكن نزيف قلبها ليس سببه قذيفة أو صاروخ انما هو الخذلان , وسبب سهرها ليس أرق أو عسر نوم انما هو الحيرة والدهشة فماذا ستقول لخالقها حين سؤاله لها لم وأدك اخوتك؟؟؟ أهي مشاغل الحياة أم أن كلمة حياة قد حذفت مسبقا من قلوبهم؟ لمن تركوكِ في غيابة الجب ؟ ألرحمة ذئب أم عطف ضبع أدمن على افتراس الفاتنات فلا يختار ضحاياه الاّ من الشامخات فقد سئمت أنيابه مضغ النعاج.
لك الله يا فاتنة … يا من ستبقين ملهمة الكتّاب والشعراء والمنظرين لأجيال وأجيال الى أن تأتي حرة غيرك تولد من رحم الذل لتكمل مشواراً بدأتهُ أختك حماةٌ قبلك وانت أبيت الا أن تكوني مثلها لطخة عار في قلوبنا وضمائرنا , سيذكرك الجميع كما ذكرو مَن قبلك فنحن أمة كتّاب وأدباء وشعراء وذاكراتنا أقوى من مدافع الأرض جميعا ,فطالما الأمر يتعلق بالكلام والورق لن تجدي مثلنا قوةً وابداعا أمّا ما يسمى مقاومة وجهاد وشهادة فهي حرفة غيرنا ولكل في هذا الكون تخصصه ونحن نحترم التخصصات.
أعذرينا يا أختُ فقد ساهمنا بأقصى ما نستطيع فحفظنا اسمك في قلوبنا ونصبناكي رمز ثورتنا وكما تعلمين لا يكلف الله نفسا الا وسعها,فيومنا كيومك أربع وعشرون ساعة للنوم منها نصيب وللعمل نصيب ولراحتنا نصيب وأخيرا جعلنا لأخبارك فيه الجزء اليسير وليس بمقدورنا أنا نتابع التلفاز في كل الأوقات فلا تلومي تقصيرنا ولكنك تعلمين أنك في قلوبنا وكلنا أمل أنك ستخبرين الله في يوم السؤال أننا ما نسيناك أبدا وأننا لم ندّخر يوم جمعة الا امتلئت حناجرنا باسمك ولم يخلو يوم الا وسهران حتى منتصف الليل نتعقب أخبارك في قنوات التضليل الاعلامي ,لك الله يا أختاه… ولنا طول البقاء في عرين الأسد…

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق