الأربعاء، 22 فبراير 2012

نعم .. قطر !

حين تأخذ جولة على صفحات الإنترنت وتطالع الأخبار المختلفة قد لا يشّدك الخبر بقدر ما تشدّك التعليقات عليه خصوصا” لو كان هذا الخبر متعلقا” بدولة قطر , فترى على هذا الخبر الكم الأكبر من التعليقات المسيئة لها ونصفها من التعليقات المدافعة عنها وهذا ما جعلني أسأل نفسي : لماذا قطر دون أي دولة أخرى أو خبر آخر ؟

حين محاولتي الإجابة عن هذا السؤال لم أجد جوابا” شافيا” لأسباب هذا التهجم غير المبرر على قطر فمواقفها القومية والعروبية أفضل حالا” من الكثير من الدول العربية التي تلتزم الصمت عادة” عند الأحداث التي تخص الأمة العربية ولعل أكبر مثال على ذلك هو دعمها المتواصل للشعب الفلسطيني عموما” وسكان قطاع غزة خصوصا” وإعانتهم على الصمود في وجه المآسي وما أكثرها, وكذلك بعد الحرب الأخيرة على لبنان كان لقطر الفضل الأكبر بإعمار ما خلّفته الحرب من دمار .
ليس ذلك فحسب بل كان لقطر اليد الطولى في العديد من إتفاقيات المصالحة نذكر منها إتفاق الفرقاء اللبنانيين وإتفاق السلام بدارفور وأخيرا” الإتفاق لتشكيل الحكومة الفلسطينية لإنهاء الإنقسام الفلسطيني .
فما الشيء الخطأ الذي يراه المعارضين لسياسات قطر ولا نراه غير نظرية المؤامرة التي أكل عليها الزمن وشرب و عمل أشياء أخرى !؟
لا شك أن قطر تتعرض لهجمة إعلامية وتحريض غير مسبوقين من الأنظمة العربية وذلك لسياستها المختلفة نوعا” ما عن ما تعرفه تلك الأنظمة وماتعودت عليه , هذه الأنظمة التي أهلكت البشر و الشجر والحجر لعقود والتي كانت الأسوأ في تاريخ الأمة العربية, فسياسة ( الطبطبة ) على الآخر لم تعد موجودة هنا , وأيضا” سياسة قطر الإعلامية التي تتبعها من خلال محطتها الأشهر ( الجزيرة ) والتي لا ينكر أحد أن لها الدور الأكبر في تغيير الوجهة الإعلامية العربية بعد عقود من التطبيل والتزمير للحاكم والرئيس في كل لحظة وفي كل حين !
ولعل أكثر ما أظهر سيطرة الجزيرة على الإعلام بشكل كبير هي الثورات العربية التي تناغمت مع بشكل كبير مع الموقف القطري الرسمي , فكانت قطر أول دولة عربية تبارك خيارات الشعب التونسي وثورته ضد جلاديه .
أما في الثورة المصرية لم يكن الحال بعيدا” عن الثورة التونسية وإن كان مقتصرا” على الدعم الإعلامي للثورة وهذا الدعم لم يكن إلا بنقل الحقيقة للمشاهد المصري والعربي بعد حملات الكذب والتضليل من الإعلام الحكومي المصري آنذاك .
وجاءت الثورة الليبية التي بدأت سلمية كغيرها من الثورات إلا أن النظام هناك قد أوغل في قتل شعبه فما كان من قطر إلا أن تقف بصفتها رئيس الدورة الحالية للجامعة العربية موقفا” شجاعا” بدعم الثوار الليبين بشتى الوسائل السياسية منها والمالية والعسكرية.

وهنا أسأل المدافعين عن النظام هناك :
ما الذي كان مطلوبا” من قطر في تلك المرحلة من الثورة ؟
هل كان عليها أن تلتزم الصمت على المذابح هناك ؟
هل كان عليها الصمت على التعذيب والإغتصاب هناك ؟
هل كان عليها أن تسكت والأرامل والثكالى يزدن كل يوم بالتوازي مع الأيتام ؟

ذكر الأيتام لكثرتهم يأخذني للثورة اليمنية التي وقفت أيضا” قطر فيها مع الشعب الثائر هناك ومطالباته المشروعة بالكرامة والحرية والتنمية بعد سنوات من سياسة (التجهيل ) التي إتبعها نظام علي عبدالله صالح ضد شعبه الذي كان يوما” من الأيام منبعا لحضارات الأرض وهذا ما أعادته الثورة لشعب اليمن حين خرج العزل بمواجهة الرصاص وهم أكثر الدول في العالم إنتشارا” للسلاح .
وإذا أردنا أن نعرج على الثورة السورية التي لا تختلف كثيرا” بتفاصيلها عن الثورة الليبية غير أن في سوريا يأتي الموت بطيئا” في غرف التعذيب المغلقة , التي أصبحت بحجم الوطن على إتساعه ,بدون حتى شاهد على المذبحة وكأن على المواطن هناك أن يموت دون أن يصرخ أو يتألم أو يستنجد بأحد يغيثه , لأن دعاة القومية كما يفهمونا تعد النظام السوري من دول الممانعة العربية ,, لا أعرف حقا” عن أي ممانعة يتحدثون ؟
في النهاية أقول أننا تعودنا على مواقف مخزية من حكوماتنا العربية وسياسة اللامبالاة بالآخر لذلك تجدنا مدهوشين تارة و ومرتعدين تارة أخرى من مواقف هذه الدولة الصغيرة التي أصبحت تغطي خارطة العالم كله بمواقفها الشجاعة .
ملاحظة : هذا المقال مجاني وغير مدفوع الأجر .

محمد أبوجزر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق