إحدى الأعراف المتبعة في مجتمعاتنا تقوم على مبدأ غريب فاذا ما قام شاب ما مثلا باغتصاب فتاة فان العرف يقضي بأن يتزوجها “حتى يستر عليها” و إلا فالعقوبة بانتظاره ….خلونا نتخيل الوضع شوي …المغتصب يصلح فعلته بأن يصبح شريك حياة ضحيته…فيعيشا معا …و يكونا أسرة يكون فيها الجاني أبا شرعيا و زوجا شرعيا و كأن شيئا لم يكن لطالما أنه ستر على الفتاة….و في حالات أخرى تكون فيها الضحية أقل حظا (أو ربما أفضل حظا في الحقيقة ) ينتهي الأمر باهل المغتصبة إلى قتلها رفعا للعار الذي قد يلحق بهم إذا ما شاع بين الناس أن ابنتهم مغتصبة ….
هذه الثقافة متأصلة في كافة مناحي الحياة في مجتمعاتنا …هي ثقافة تقوم على فهم خاطئ للصفاء و النقاء و الشرف و الكرامة …هي ثقافة تجريم الجاني و المجني عليه معا أو تبرءتهما معا …هي ثقافة تقوم على دمج الضحية بالجلاد و كيلهما بنفس المكيال فلا ضرورة للخوض في تفاصيل سخيفة كتحديد المعتدي و المعتدى عليه …هي ثقافة الأبيض و الأسود في أكثر مظاهرها شذوذا ….فإما عقوبة شاملة …أو عفو شامل …أما أن نضيع الوقت في فهم المشكلة و تحديد المسؤوليات فذلك ترف فكري لا يعنينا و هرطقة لا تسمن و لا تغني عن جوع.
ما أسوأ أن تلام المغتصبة بدل أن يجرم المغتصب …”هي التي أغرت المغتصب بجمالها الذي جعلته مشاعا لعيون نهمة” ….”هي سبب الفتنة” …بل “هي التي سعت إلى أن تغتصب”….”لها ثلثا الخاطر….العاهرة”….!!!
أغتصبت اسرائيل فلسطين؟؟ بسيطة نزوجهما … أما حصار غزة فسببه الفلسطينيون الذين يريدون مقاومة المخرز ….العدوان الأسرائيلي على لبنان؟؟؟ سببه مغامرات حزب الله و خطف الجنود الأسرائيليين ….
أما في سوريا اليوم فتجريم المجني عليه وصل إلى حدود أن يطلب من المغتصبة أن لا تصرخ ….فصراخها يفضحنا … أن لا تخدش وجه مغتصبها بأظافرها أو تنهش يديه بأسنانها ….فقد تستعمل تلك الخدوش كدليل جرمي ضدها في محاكم البعض ….سينبري محامو الدفاع عن الجاني بالقول أمام عدالة المحكمه بأن الجاني أضطر لقتل ضحيته أثناء اغتصابها لما تعرض له من مقاومة وحشية منها….و أنه لولا صراخها و أظافرها و أسنانها ..لأكتفى باغتصابها.. ثم أصلح فعلته بالزواج بها….نعم لقد كان يريد الاصلاح…إلا أنها لم تعطه مجال لذلك ….
باي وجه يمكن أن تقف المغتصبة بعد كل ذلك أمام عدل محاكمهم الانسانيه….لماذا جرت على نفسها الخطأ عندما قاومت؟؟؟ لماذا لم تصبر على الاغتصاب؟؟ لم قامت بتلويث أظافرها بجلد مغتصبها؟؟ أما كان أولى بها أن تقتل الوقت ريثما ينتهي (بل حتى أن تحاول الاستمتاع) ثم أن تتوجه عند فروغه منها إلا محاكم العدل الانسانيه….أي حجة ستكون لهذا المغتصب عندها أمام تلك المحاكم؟؟؟ سيسقط في يده …فعندها ستكون كل الأدلة على أن سوريا أغتصبت برأس مرفوع … دون أن تلم عليها الجيران …عندها فقط تكون سوريا قد أغتصبت و هي محافظة على نقائها و صفائها و أنوثتها بعيدا عن الوحشية في المقاومة …. و عندها فقط نضمن أن تنظر إلينا عدالة المحكمة بعين الرأفة…….. و تجبر المغتصب على الزواج بالضحية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق