جميع السوريون عايشوا الثورة لحظة بلحظة ، لا بل العالم بأسره تابع الثورة السورية بجدلية التناقضات وتناطح الارادات ، والتي مازالت محتدمة حتى هذا اليوم .
فالجميع يقف مذهولا أمام صمود الثوار بالرغم من الخسائر الفادحة في الأرواح و الممتلكات، سواء أكانت على المستوى
الفردي أو على مستوى الدولة.
فهل اقتربت الثورة من النصر المؤزر؟ ، وهل اقترب الطاغية من السقوط المدوي ؟.
- بداية نقول أن ارادة الثوار في الداخل أصبحت أقوى بالرغم من كل التنكيل والبطش الممارس من قبل الأسد وعصابته الحاكمة، و التي حاول التعبير عنها بعبارة ذات دلالة عظيمة عندما قال أن الثوار أخذو الفضاء لكنه على الأرض أقوى في حركة بهلوانية أما زوجته، وهو يعلم أن الثوار استطاعوا بصمودهم كسر ارادته و ارادة الدول الداعمة له .
- أيضا استسلام العالم العربي لارادة الثوار مرغمين بعد تجاهل دام أشهر ، بالرغم من استمرار تجاهلها لطلبات ثوار الداخل من دعم للجيش الحر ، والمنطقة العازلة ، وحظر الطيران ،..وربما يكون ذلك لظروف خارجة عن الامكانية الفردية لتلك الدول ، أو بسبب رضوخها لاعتبارات دولية ، وخاصة من قبل أصحاب القرار .
- والأهم من كل ذلك فإن الثورة قد عرت هذا النظام الفاشي امام العالم ، وخاصة الدول التي دعمته بالفيتو ، والتي حاولت بشتى الوسائل الدفاع عنه في المحافل الدولية ، وهذا الأمر أجبر حكوماتها بالتفكير جديا بالتخلي عنه ، والتراجع تدريجيا عن مواقفها السياسية الداعمة.
ان انتصار الثورة اليوم وان لم يكتمل على الصعيد العسكري والسياسي ، إلا أن الثورة قد انتصرت أخلاقيا واعلاميا ، والطاغية ونظام حكمه اقتربا من السقوط الاقتصادي والسياسي ، وهو في مسيره نحو السقوط العسكري ، بالرغم من المساندة المنقطعة النظير من قبل الدول الداعمة .
وسقوط الطاغية الاقتصادي بات حتمي لأن الدول تسير خلف مصالحها وعندما تصبح الخسارة أكبر من المصلحة ، تبدأ تلك الدول بإعادة حساباتها.
أما السقوط الأخلاقي فكان بفعل المجازر المتأتية من المناطق الثائرة وخاصة في حمص وادلب.
و ما تأخر سقوط هذا المجرم الا بسبب تردد الفئات الصامتة سواء بين المدنيين ، أو الصناعيين والتجار ، أو العسكريين، والذين لم يحسموا أمرهم حتى هذه اللحظة .
فبالرغم من الأعداد الكبيرة من الشهداء التي قدمها الشعب السوري و مازال يقدمها، والتي سيكتبها التاريخ في صفحاته المشرقة ، و بطولات هؤلاء الشهداء والتي من المفترض أن تكون حافزا لتلك الفئات الصامتة التي ارتضت الخنوع والرضوخ لطاغية قتل شعبه، ورفضت الدخول في العصيان المدني مع المدن الثائرة ؛ والانضمام الى المتظاهرين في جميع انحاء البلاد، وأفشلت الخيار الأفضل والوسيلة الأقوى والأكثر نجاعة في حسم الثورات ضد الطغاة ؛ و بأقل الخسائر.
وما تمادي هذا الطاغية في القتل إلا بسبب خوف و خنوع تلك الفئة الصامتة على رغيف خبزها، وتحولها إلى جانب التشبيح ، فقط مقابل استمرار الطاغية بتأمين قوتها اليومي.
وها هو اليوم يخرجها في مسيرات مؤيدة كالنعاج لتهلل وتمجد القاتل الذي لا يعرف سوى الدعس على كرامة شعبه.
ألا يكفي مرور عام على القتل والتدمير حتى تستفيق هذه الفئة من سباتها، ألا يكفي كل تلك الجرائم والمجازر حتى تتحرر من عبوديتها.
إن سورية لن تَشرُفَ بالصامتين ، لأن بلاد الشام ، بلاد الاباء ،و بلاد الأبطال، وبلاد الكرام ، ولن تقبل أن تبقى ذليلة خانعة بعد اليوم.
الدكتور حسان الحموي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق